أغبياء مثل صخرة”.. لماذا خسر “سيري” و”أليكسا” السباق أمام “جي بي تي”؟
“أغبياء مثل صخرة”.. لماذا خسر “سيري” و”أليكسا” السباق أمام “جي بي تي”؟
عندما كان مسؤولو أبل يعلنون عن الجيل الخامس من هواتف أيفون، بدا مطابقا للإصدار السابق، لكنه كان يتضمن ميزة جديدة هي “سيري”، المساعد الافتراضي الذي يمكنه الإجابة على أسئلة، مثل الوقت، ومعاني مصطلحات، وقائمة بأفضل المطاعم والاتجاهات.
كان هذا قبل 12 عاما، لكن تكنولوجيا “سيري” والمساعدين الافتراضيين المنافسين المدعومين بالذكاء الاصطناعي مثل “أليكسا” من أمازون و”غوغل أسيستانت”، ظلت راكدة إلى حد كبير، حتى أصبحت محل انتقاد وإطلاق النكات عليها، بحسب تحليل لصحيفة ” نيويورك تايمز “.
ومؤخرا، بدأ يتدفق على عالم التكنوجيا نوع مختلف من المساعدين الافتراضيين، وهي روبوتات الدردشة، التي تعمل بالذكاء الاصطناعي مثل “تشات جي بي تي”، من شركة “أوبن أيه آي”، الذي يمكنه أن يبتكر إجابات للأسئلة المطروحة عليه كتابة بسرعة، ويتعامل مع مهام معقدة مثل برامج الترميز.
بل إن البرنامج الذي انطلق في نوفمبر الماضي يطور من نفسه بسرعة، والمهام الذي كان لا يستطيع فعلها يصبح مستعدا بعد فترة لتنفيذها. وكشفت الشركة الثلاثاء النقاب عن تحديثها الجديد “جي بي تي 4” ليضيف قدرات وميزات إضافية.
يوضح تطور روبوتات الدردشة كيف أن “سيري” و”أليكسا” والمساعدين الصوتيين الافتراضيين الآخرين، الذين يعتمدون على الذكاء الاصطناعي، خسروا مكانتهم في هذا السباق.
ووصف الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، في مقابلة هذا الشهر مع صحيفة فاينانشيال تايمز، ساتيا ناديلا المساعدين الصوتيين الافتراضيين بأنهما “أغبياء مثل الصخرة”، معتبرا أن روبوتات الدردشة القائمة على الذكاء الاصطناعي الأحدث من شأنها أن *** الطريق”.
واستثمرت مايكروسوفت 13 مليار دولار في “أوبن أيه آي”، لدمج تقنيات “جي بي تي” في محرك بحثها “بينغ”، ومنتجات أخرى.
ورفضت شركة أبل التعليق على “سيري”، فيما قالت غوغل إنها ملتزمة بتوفير مساعد افتراضي رائع لمساعدة الأشخاص من خلال هواتفهم وداخل منازلهم وسياراتهم. وتختبر غوغل روبوت محادثة يسمى “بارت”.
أما أمازون صاحبة “أليكسا” فقالت إنها شهدت زيادة بنسبة 30 في المئة في تفاعل العملاء على مستوى العالم مع مساعدها الافتراضي العام الماضي، وأنها متفائلة بشأن مهمتها لبناء ذكاء اصطناعي على مستوى عالمي.
يعتمد المساعدون وروبوتات المحادثة على صفات مختلفة من الذكاء الاصطناعي.
ويتم تشغيل روبوتات الدردشة من خلال ما يُعرف بنماذج اللغات الكبيرة، وهي أنظمة مدربة على التعرف على النصوص، وإنشائها بناء على مجموعات البيانات الضخمة التي تم جمعها من شبكة الإنترنت. ويمكنها بعد ذلك اقتراح كلمات لإكمال الجملة.
في المقابل، فإن المساعدين الافتراضيين مثل “سيري” و”غوغل أسيستانت” و”أليكسا”، تعرف بأنها “أنظمة قيادة وتحكم”، حيث يمكنها فهم قائمة محدودة من الأسئلة والطلبات مثل “ما هي حالة الطقس في مدينة نيويورك؟”، أو “قم بتشغيل أضواء غرفة النوم”.
وإذا طلب المستخدم من المساعد الافتراضي القيام بشيء غير موجود في الترميزات الخاصة به، فإنه يقول ببساطة إنه لا يمكنه المساعدة.
ويقول جون بيركي، وهو مهندس سابق في شركة آبل تم تكليفه بمهمة تحسين “سيري” عام 2014، إن لدى “سيري” أيضا تصميما مرهقا جعل إضافة ميزات جديدة، أمرا يستغرق وقتا طويلا.
تحتوي قاعدة بيانات “سيري” على قائمة ضخمة من الكلمات، بما في ذلك أسماء الفنانين الموسيقيين والمواقع مثل المطاعم، بما يقرب من عشرين لغة، “وهذا جعله بمثابة “كرة ثلج كبيرة”، بحسب بيركي.
ويوضح أن “التحديثات التي تبدو بسيطة، مثل إضافة بعض العبارات الجديدة إلى مجموعة البيانات، تتطلب إعادة بناء قاعدة البيانات بأكملها، والتي قد تستغرق ما يصل إلى ستة أسابيع، وقد تستغرق إضافة ميزات أكثر تعقيدا، مثل أدوات البحث الجديدة ما يقرب من عام”، مضيفا أن هذا يعني أنه لا يوجد طريق لسيري ليصبح مساعدا إبداعيا مثل “تشات جي بي تي”.
وتقول “نيويورك تايمز” إن كلا من “أليكسا” و”غوغل أسيستانت” اعتمدا على تقنيات مشابهة مثل تلك التي استخدمها “سيري”.، لكن شركتي أمازون وغوغل كانتا تهدفان إلى زيادة الأرباح من خلال مساعديهما الافتراضيين من خلال شراء المستخدمين لمنتجات إضافية.
ووفقا لمدير سابق في أمازون عمل على “أليكسا” الذي صدر في عام 2014، كانت الشركة تأمل أن يساعدها المنتج في زيادة المبيعات في متجرها عبر الإنترنت من خلال تمكين المستهلكين من التحدث إلى مساعدها الافتراضي، وشراء الطلبات.
وكشف المدير السابق، الذي لم تفصح الصحيفة عن هويته، أنه “بينما كان الناس يستمتعون باللعب بقدرة “أليكسا” على الرد على أسئلة عن الطقس ومطالبات بضبط أشياء في المنزل، فإن القليل منهم استخدم المساعد الافتراضي لشراء طلباته من متجر أمازون الإلكتروني”.
وأضاف أن “أمازون ربما تكون قد استثمرت أكثر من اللازم في صنع أنواع جديدة من الأجهزة، مثل ساعات المنبه والميكروويف، التي توقفت الآن، والتي تعمل مع “أليكسا” وكانت تباع بسعر التكلفة أو أقل”.
وبينما عرضت أمازون متجرا للمهارات لجعل “أليكسا” تتحكم في أجهزة ليست من صنعها مثل مفاتيح الإضاءة، كان من الصعب على الأشخاص العثور على مهارات هذه الإجهزة وإعدادها، على عكس تجربة “سيري” الخالية من الاحتكاك لتنزيل تطبيقات الأجهزة المحمولة من متجر التطبيقات.
في أواخر العام الماضي، كان القسم الذي يعمل على “أليكسا” في أمازون، هدفا رئيسيا لتسريح الشركة 18 ألف موظف، واستقالة عدد من كبار المديرين التنفيذيين في هذا القسم.
رغم ذلك، اعتبرت المتحدثة باسم “أمازون”، كينلي بيرسال، أن المساعد الافتراضي “أليكسا” كان أكثر بكثير من مجرد مساعد صوتي، و”نحن متفائلون بهذه المهمة أكثر من أي وقت مضى”.
يوضح مدير سابق عمل على تطوير “غوغل أسيستانت”، أن أخطاء أمازون مع “أليكسا” ربما تكون قد أدت إلى “ضلال غوغل”، لأنها كانت تريد أن تقلد ما تفعله أمازون.
وأمضى مهندسو غوغل سنوات في تجربة مساعدها لتقليد ما يمكن أن يفعله مساعد أمازون، بما في ذلك مكبرات الصوت الذكية والشاشات والملحقات المنزلية التي يتم التحكم فيها بالصوت. ورغم أن الشركة قامت لاحقا بدمج الإعلانات في تلك المنتجات المنزلية، فإنها لم تصبح مصدرا رئيسيا للإيرادات.
وقال المدير السابق إنه “بمرور الوقت، أدركت غوغل أن معظم الأشخاص يستخدمون المساعد الصوتي فقط لعدد محدود من المهام البسيطة، مثل بدء تشغيل أجهزة ضبط الوقت وتشغيل الموسيقى”.
وعندما قامت “ألفابت”، الشركة الأم لغوغل، في يناير الماضي، بتسريح 12 ألف موظف، فقد الفريق الذي يعمل على أنظمة تشغيل الأجهزة المنزلية 16 بالمئة من مهندسيه.
وتتسابق العديد من شركات التكنولوجيا الكبرى الآن للتوصل إلى حلول للعودة إلى السباق أمام الشركة الناشئة التي أنتجت “تشات جي بي تي”.
وتقول “نيويورك تايمز” إن شركتي أبل وغوغل تعكفان على اختبار منتجات للعودة إلى سباق المنافسة المحتدم.
ويرى الخبراء أن المستقبل سيشهد تقارب تقنيات روبوتات المحادثة والمساعدين الصوتيين، وهذا يعني أن الأشخاص سيكونون قادرين على التحكم في روبوتات المحادثة من خلال الكلام، وسيتمكن أولئك الذين يستخدمون منتجات أبل وأمازون وغوغل من مطالبة المساعدين الافتراضيين بمساعدتهم في وظائفهم، وليس فقط الإجابة على أسئلة مثل التوقيت والطقس