مقالي في الصميم بعنوان صبرا ايها الزمن بقلم أستاذ مشارك دكتورة نيرفانا حسين الصبري
الانسان يميل دائما الي الغيبيات..يريد ان يعرف ويطلع ويستطلع المستقبل ليحتاط من البلاء ويتخذ حذره من العناء والجفاء وربما في احيان كثيرة المشقة .. ولكن ما لا يتيقنه الانسان ان هذا كله يقابله الصبر علي مقدرات الله .. فاليسر رفيق العسر .. ولا يعطى الله العناء الا ومعه اللطف والاحسان من الله عز وجل.. حيث قسم الله الأرزاق والصبر معها وجعله رزق من أرزاق الانسان له قيمة عالية عند الله
…الا ان هناك دائما حوارا قد تجده مع نفسك او مع آخرين يصدمك ويؤلمك لانه من واقع تجارب حياتية .. فنجدها مثلا تقول
أرجوك لا تحدثنى عن الصبر، أنت لا تعلم كم من الأشياء التي أنتظرها وأراقب عقارب الساعات وهي تتحرك ببطء لتحقيقها … لا تعرف عن الأمنيات التي أتمناهاواسعى لها … كم الإبتلاءات التي أصبر عليها حتى إنني أخشى أن أعتاد عليها… لا تسألنى عن قوة تحملي فأنا أتحمل كل يوم سخافات لا تحتمل، أتجاوز مواقف عنيفة وتفاصيل مؤذية ربما لو مرت عليك لأنهيت حياتك على الفور وقد تدفعنى للأنهيار … فمطلوب مني الصبر لأتجاوز خيبات الأصدقاء الذين وثقت بهم وخذلوني أشد خذلان والذين تعمدوا إيذائى.. والان مطلوب منى الصبر.. لاتجاوز نوبات القلق حتى أبدو هادئًا.. لا تعرف كم مرة صبرت حين شعرت بالفقد، اوالحنين، اوالأشتياق، حتى الحزن والندم وجلد الذات، كل هذه المشاعر التي احتفظ بها صبرت عليها، خوفًا من ان أبدو أمام الآخرين وانا في غاية الهشاشة والضعف …
أرجوك لا تحدثنى عن الصبر ..وعن الحرب وعن التحدي..
فأنا دائمًا في حرب، مع نفسي للهروب من واقعي ، وتحدي ضد مخاوفي من مستقبل مضطرب ومهزوز، وواقع في غاية القسوة، وصبر على مسؤوليات وضغوط لا تنتهي.. أنا مجرد صورة جميلة أمامك.. انت لا تعرف حقيقة الأمر، لا تعرف ما يحدث في خفايا النفس وكواليس الحياة
… سبحان الله هذا الحديث منك ومن غيرك تتحدث به النفس وما اغربه حديث مؤلم ومحبط وعدم رضا .. ولكن برهة ايها الانسان خذ نفسا عميقا وتأمل الي عظمة الخالق ماذا منحك الله لتتجاوز هذا الحديث .. وانظر بعقل واعى وقلب سليم الي معني (وبشر الصابرين).. تجد ان الله قد قدر لنا فى الحياة اقواتنا وارزقنا.. بل سهل علينا الحياة بكتالوج ودستور شمل كل الحلول لمشاكلنا مهما كانت المعاناة التي نعيشها في القرآن الكريم ..
فقدوضع أسس ومنهج.. حين تفضل علينا بنعمة الحكمة والرشد متمثلة في العقل (فمن اوتي الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا) وايضا رزقنا بنعمة البصيرة حين طلب الرسول صلي الله عليه وسلم (استفتي قلبك) وحين اشارالينا بالتوكل على الله.. ثم انعم الله علينا وامرنا (بحسن الظن) لنعي حكمة الله فيما قدره لنا… ثم اشار علينا بالحمد والشكر والاستغفار حتي تمطر علينا السماء بالخير مدرارا
فاسعدوا حين تسمعون قوله (فاصبروا وصابروا) واستعدوا للفرج القريب و كونوا علي قدر ما خلقكم الله عليه تسلموا من العناء والبلاء والوباء
وتعيشواسعداء..
فصبرا جميلا ايها الزمن
استاذ مشارك دكتورة نيرفانا حسين الصبري رئيس قسم الاجتماع بكلية الاداب والعلوم والمعرفية بجامعة النيل الاوربية