مقالى اليوم في الصميم بعنوان ثرثرة فوق النيل بقلم أ.د.ك. نيرفانا حسين الصبري استاذ العلوم الاجتماعية بكلية الآداب جامعة الأفرو اسيوية
*
عذرا مقالي لا يخص او يحتوي الاشارة الى فيلم الكاتب الكبير نجيب محفوظ
ولكن وجدت هذا العنوان يطابق مجتمعاتنا العربية المعاصرة ويتداخل عبر مفاهيمنا وفكرنا الذى قد يحتويه التشتت والبلبلة فحديثى اليوم عما نحتاج اليه من امر هام يشملنا جميعا ويقينا من الازمات اللغوية والكلامية ويقينا من انفسنا الشاردة الباحثة فقط عن فوضوية الكلام والمغامرة باللهو في الحديث فإحتياجنا اليوم أن نتعلم ونتعود الصمت كما تعوَّدْنا الكلام فيما نعرف وما لا نعرف؛ فشهوةُ الكلام بلا معني ولا هدف ولا علم لا تقلّ ضراوةً عن ضراوة بعض الأطعمة المُضرّة، فهذه تُمرض البدن ولكن كثرة الكلام والثرثرة بلا عائد او معني فوق كونها تُضيّع على العقل فُرصة التأمل والمرجعية العقلانية الموضوعية والمراجعة العلمية فإنها تُورث للاسف عللا نفسية وأمراضا عصبية يصعب التخلص منها، كالعُجب بالنفس ومحبة الظهور، والاعتلاء علي خلق الله دون وجه حق وأخذ ما لا يستحقه من إطراء فيزيد خيلاء يصل الي جنون العظمة
اما فضيلة الصمت لا تَظهر في الإحجام عن الكلام فيما لا تعرف فقط – فإن هذا ينبغي أن يكون واجبا حتما- على كل من لديه أدنى قدرٍ من العقل وإنما تظهر فضيلة الصمت في السكوت عن بعض ما تعرف وبعضِ ما تُحسن الكلام فيه، إلا لو طلب الآخرين منك ابداء الرأي او التعبير عن صحيح الحديث او البيان الموضوعي والعقلي على وجه التعيين، حينئذ تستمتع بالسيطرة على نفسك الماردة الثرثارة وتتحكّم في هذا الشبَق النفسى الجامح في الثرثرة الفوضوية واللامعقولية، وهذا وحده كافٍ في اعتدال مزاجك ودخولِك في زُمرة الأسوياء العقلاء
لكل مقام مقال ولكن ليس كل ما يقال يقال فيه الحقيقة وليست كل حقيقة لها مصداقية وليست المصداقية ثرثرة لفض مجالس وتفاهات لشغل أوقات الفراغ
واذا كانت هذه النهاية يكون الصمت عنوانا فوق النيل وليست الثرثرة
وإلى لقاء قريب بإذن الله
وللحديث بقية …