اصطياد قادة داعش في التضاريس الوعرة بالعراق

اصطياد قادة داعش في التضاريس الوعرة بالعراق.. كيف تكشف البصمة هويتهم؟
منذ بداية العام الحالي، تمكنت القوات العراقية في محافظتي صلاح الدين وكركوك من قتل وتصفية قيادات بارزة في تنظيم داعش، ما انعكس بشكل إيجابي على الوضع الأمني بالحدود الفاصلة بين المحافظتين.
ولا تزال بعض جيوب التنظيم تنشط في تلك المناطق، مثل: وادي داقوق، والزركة، و زغيتون في ناحية الرشاد، إضافة إلى الحدود الفاصلة بين صلاح الدين وديالى.
وتستغل هذه الجماعات التضاريس وعرة، مثل وادي الشاي بين كركوك وصلاح الدين، حيث تتواجد وديان وسلاسل جبلية وكهوف ومسطحات مائية تجعل من الصعب وصول القوات العسكرية إلى تلك المناطق.
وعلى امتداد الشمال الغربي، تمتد سلسلة جبال “مامة” التابعة لقضاء الدبس (70 كم شمال غربي كركوك)، وصولًا إلى ناحية التون كوبري شمال غربي كركوك، التي ترتبط جغرافيًا بمحافظتي أربيل ونينوى. يستغل التنظيم هذه المناطق لشن هجمات واستهداف القوات الأمنية والمدنيين.
خطط استخبارية ورصد جوي
ويقول ضابط رفيع في الجيش العراقي، بمحافظة صلاح الدين لوكالة شفق نيوز، إن “قيادة العمليات المشتركة نجحت في تنفيذ عدة ضربات جوية باستخدام طائرات F-16 العراقية، بفضل التنسيق الأمني والمعلومات الاستخبارية الدقيقة التي حددت مسارات تحرك قيادات داعش”.
ويضيف الضابط، أن “هذه العمليات أدت إلى القضاء على قيادات الصف الأول في التنظيم الإرهابي”، مشيراً إلى أن “التنظيم فقد معظم قياداته، ومن تبقى منهم مجرد مجموعات منهزمة تختبئ في جبال حمرين، وديان وكهوف بين كركوك وطوزخورماتو والدبس”.
ويشير الضابط، إلى أن “الضربات الجوية أدت إلى قتل 52 إرهابياً منذ بداية العام، بينهم قيادات بارزة، مما ساهم بشكل كبير في تأمين الحدود بين كركوك، وصلاح الدين، وديالى، ونينوى”.
دعم أمريكي وفرنسي
في السياق ذاته، أكد الخبير العسكري والضابط المتقاعد العميد الركن محمود الجبوري، أن “القوات العراقية بالتعاون مع التحالف الدولي باتت قادرة على تحديد هوية قتلى داعش خلال ساعات قليلة، عبر مطابقة بصماتهم أو تحليل الحمض النووي (DNA)”.
وفي حديث لوكالة شفق نيوز، يوضح الجبوري، أن “الضربات الجوية في المناطق الجبلية تعتبر من أعقد العمليات العسكرية بسبب صعوبة الوصول إليها، سواء باستخدام المركبات أم سيراً على الأقدام، لهذا تعتمد القوات الأمنية على تقنيات استخبارية متطورة، وتعاون وثيق مع التحالف الدولي لرصد الإرهابيين بدقة”.
ويتابع الجبوري، قائلاً إن “القوات العراقية والتحالف الدولي يمتلكان قاعدة بيانات شاملة عن غالبية عناصر داعش، إذ أن معظمهم كانوا معتقلين سابقاً، وتم أخذ بصماتهم أثناء احتجازهم”، مستطرداً بالقول “عند مقتل أحد الإرهابيين، يتم تحليل بصمة الإبهام أو الـDNA خلال دقائق، لتحديد هويته بدقة”.
ويضيف أن “التحالف الدولي، ولا سيما القوات الأمريكية والفرنسية، يوفر معلومات جوية دقيقة عبر الطائرات المسيرة، مما يسمح للقوات العراقية بتنفيذ ضربات موجهة بدقة عالية على مواقع الإرهابيين في عمق الجبال”.
ووفقاً للجبوري، فإن 90% من قتلى داعش هم من السجناء السابقين، ما يثبت أن التنظيم يعتمد على عناصر سبق اعتقالهم في السجون العراقية، خاصة تلك التي كانت تحت إدارة القوات الأمريكية خلال سنوات الاحتلال.
إغلاق الثغرات الأمنية
من جهته، قال الخبير الأمني علي البياتي، لوكالة شفق نيوز، إن قيادة العمليات المشتركة تواصل العمل على سد الثغرات الأمنية وقطع طرق تحركات داعش، خاصة في المناطق الرخوة أمنياً مثل وادي الشاي في داقوق، الزركة في طوزخورماتو، زغيتون جنوب غربي كركوك، ومنطقة الفتحة في صلاح الدين.
ويشير إلى أن “فرض السيطرة الأمنية على هذه المناطق سيؤدي إلى القضاء على أي نشاط متبقٍ لعناصر التنظيم، التي لا تزال تعتمد على جيوب صغيرة مختبئة في الجبال والوديان لاستهداف القوات الأمنية والمدنيين”.
البصمة الوراثية تكشف الهوية
فيما يخص تحديد هوية قتلى داعش، يوضح المختص في علم الوراثة عباس أحمد لوكالة شفق نيوز، أن “تحليل الحمض النووي (DNA) يعد أحد أكثر الأساليب دقة في الطب الشرعي، خاصة عند التعامل مع جثث متحللة أو متضررة بشدة”.
وأشار إلى أن هناك عدة طرق لاستخراج الـDNA من الجثث، أبرزها استخراج الحمض النووي من العظام، حيث تعد عظام الفخذ والأسنان من أفضل المصادر للحفاظ على الـDNA لفترات طويلة.
ويتابع قائلاً إن أخذ تحليل الحمض النووي من الأنسجة الرخوة في حال بقاء الأنسجة سليمة، يمكن استخراج الـDNA منها بسهولة، فضلاً عن تحليل الحمض النووي من الشعر وهو يمكن استخراج الـDNA من بصيلات الشعر، التي تحتوي على مادة وراثية كافية للتحليل، بالاضافة إلى تحليل الحمض النووي الميتوكوندري (mtDNA) وهو الذي يستخدم عندما يكون الـDNA النووي متحللاً، حيث يمكن مقارنة الحمض النووي مع أقارب الضحية من جهة الأم.
ويؤكد أحمد، أن “القوات العراقية والتحالف الدولي يمتلكان أجهزة إلكترونية متطورة، قادرة على التعرف على جثث قتلى داعش خلال دقائق من خلال بصمة اليد، مما يسهل عملية التعرف عليهم بسرعة وكشف هوياتهم، خصوصاً أن معظمهم كانوا معتقلين سابقًا في السجون العراقية خلال فترة الاحتلال الأمريكي”.
وبحسب حديث المراقبين، فإن هذه العمليات الاستخبارية الدقيقة أصبحت تكشف كيف أصبحت القوات العراقية أكثر قدرة على اصطياد قيادات داعش، باستخدام التكنولوجيا المتطورة والتنسيق الأمني مع التحالف الدولي.
كما أن تحليل البصمات والـDNA أصبح أداة رئيسة في تحديد هوية القتلى، مما يتيح استهداف قادة التنظيم وتصفيتهم بدقة، في خطوة تساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في العراق.