حفريات داخل عقل ابتزازي جوان جمال

حفريات داخل عقل ابتزازي
جوان جمال
أطلقت منظمة نايا بالتعاون مع المجلس الأعلى للشباب ودائرة المنظمات غير الحكومية حملة توعوية واسعة لمكافحة الابتزاز الإلكتروني، تستهدف النساء والفتيات في مختلف أنحاء البلاد.
وتهدف الحملة إلى رفع الوعي بمخاطر الابتزاز الإلكتروني عبر المنصات الرقمية وتزويد النساء بأساليب فعّالة لحماية أنفسهن من الوقوع ضحايا لهذا النوع من الجرائم.
لا ارغب في سرد التفاصيل النظرية والشروح الاكاديمية المرتبطة بالابتزاز الالكتروني، فمنها الكثير على شبكة الانترنت مما تجود به محركات البحث، ولا ارغب في تكرار القصص الماساوية لضحايا الابتزاز الالكتروني والغالبية من النساء فهي قصص منتشرة يتناقلها الناس ووسائل الاعلام وصفحات مواقع التواصل لاسيما القصص التي لها نهايات مفجعة وماساوية.
لكني هنا ارغب في الدخول الى هذا الموضوع من زاوية مختلفة، أحاول الدخول الى عقل المبتز في حفريات تهدف الى التنقيب داخل هذا العقل، والبحث عن مكوناته ومستوى تعفنه الذي هو بلا شك اعلى درجات العفونة.
ومن المؤكد ان العنصر الغائب داخل مكونات العقل الابتزازي هو الضمير، فالمبتز انسان يخلو من الضمير، ويمارس جريمته دون ان يتخيل حجم الضرر والاذى الذي يسببه لضحيته التي يقتلها بدم بارد، كما يقتل الإرهابي ضحيته وهو مغسول العقل والضمير.
وثاني العناصر الغائبة عن عقل المبتز هو عنصر القيم، فالمبتز انسان لايؤمن باي قيمة أخلاقية او دينية ، ولم يرث من امه وابيه الا الحقد الدفين على كل ماهو سوي، اما ثالث العناصر الغائية عن عقل الإرهابي هو الإحساس، فالمبتز انسان بلا إحساس، لايمتلك الإحساس بمستوى الوحل الذي يغمر به راسه، ولا الإحساس بالمسؤولية، ولا الإحساس بالانتماء الى المجتمع، ولا حتى الإحساس بالانتماء الى اسرة مكونه من ام واب واخوة واخوات.
ورابع العناصر التي يفتقدها عقل المبتز هو الشجاعة، المبتز دائما انسان فاقد للشجاعة، جبان بكل ما تعنيه هذه الكلمة، يختبيء خلف اسم مستعار، يخفي هويته، لايظهر منه الا الغدر والطعن بالظهر، والهروب من القانون، والانهيار امام قبضة العدالة، وبمجرد الاخبار من خلال الاتصال بالرقم (911) وهو رقم الطوارئ الموحد الذي اطلقه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني سيقع المبتز حتما في شر اعماله، ويظهر ندمه ولكن بعد فوات الأوان.
وعندما نستمر في حفرياتنا داخل العقل الابتزازي سنجد العفونة قد تمددت داخل هذا العقل، سنجد شعورا بالغرور، وتوهما بامتلاك المعرفة، وهي معرفة بحيل الابتزاز ونصب المكائد، واتقان فنون الكذب والتزوير وتقمص الأدوار، المبتز اخطر من اللص وابشع من المحتال.
كما يوجد داخل عقل المبتز الكثير من الحقد والغيرة والطمع والشعور بالدونية، سنجد داخل عقل المبتز اقنعة كثيرة يضعها امام وجهه القبيح ليستدرج ضحاياه، وكل هذه العناصر يسقطها وعينا بالتعامل مع الغرباء، والحذر في التعامل مع الروابط والرسائل الغريبة والمنشورات المريبة، وتأمين حساباتنا على مواقع التواصل الاجتماعي بكلمات سر محكمة، إضافة الى أهمية فهمنا للقانون ومعرفة الخطوات التي علينا القيام بها لادانة كل من يبتزنا او يحاول ابتزازنا، سواء بحفظ الأدلة التي تدعم موقفنا القانوني او عدم الرضوخ لما يطلبه المبتز.
وعلينا ان نثق بالاجهزة الحكومية المختصة بمحاربة الابتزاز الالكتروني، وان لانتردد في تقديم المعلومات التي تساعد هذه الأجهزة المحترفة في القضاء على المبتزين، فخلاصنا من مبتز واحد لا يعني فقط تخليص المجتمع من كائن يمتلك عقلا متعفنا مليئا بمكونات لاتمت للإنسانية بصلة، انما هو انقاذ لعشرات الضحايا، وانتصار للمجتمع على اخطر اعداءه.
كما تختلف درجات العقول الابتزازية كون بعضها قابل للصلاح والمراجعة والعودة الى الطبيعة الإنسانية المتوازنة، والبعض الآخر لاعلاج له الا قبضة القانون التي تعيده الى رشده عندما يكون خلف قضبان السجن.
خلاصة الكلام ان محفرياتنا اثبتت ان مكونات عقل المبتز تتضخم عندما يشعر بضعف ضحيته ويتحول من ثعلب ماكر الى نمر كاسر اما عندما تصمد الضحية وتلجأ الى مساعدة الأجهزة الأمنية سيتحول المبتز الى جرذ هارب.