الابتزاز الإلكتروني:هل هو مرض اجتماعي ؟ دعاء علي

الابتزاز الإلكتروني: هل هو مرض اجتماعي؟
الكاتبة: دعاء علي
برعاية رئيس الوزراء أطلقت منظمة نايا بالتعاون مع المجلس الأعلى للشباب ودائرة المنظمات غير الحكومية حملة توعوية واسعة لمكافحة الابتزاز الإلكتروني، تستهدف النساء والفتيات في مختلف أنحاء البلاد.
وتهدف الحملة إلى رفع الوعي بمخاطر الابتزاز الإلكتروني عبر المنصات الرقمية وتزويد النساء بأساليب فعّالة لحماية أنفسهن من الوقوع ضحايا لهذا النوع من الجرائم.
الابتزاز الإلكتروني هو أحد أبرز التحديات التي نواجهها في عصرنا الرقمي، وهو جريمة تهدد أمن الأفراد وتؤثر بشكل عميق على حياتهم الشخصية والنفسية.
لكن السؤال الذي يطرحه البعض: هل يمكن اعتبار الابتزاز مرضًا اجتماعيًا؟ الإجابة على هذا السؤال ليست بسيطة، ولكن يمكننا النظر إلى الظاهرة من زاويتين: الأولى تتعلق بالمتضررين، والثانية بالمرتكبين.
من جهة الضحايا، لا شك أن الابتزاز الإلكتروني يتسبب في معاناة شديدة. فعندما يقع الفرد ضحية لابتزاز إلكتروني، يشعر بالعجز والخوف على سمعته ومستقبله.
غالبًا ما يتسبب الابتزاز في أضرار نفسية عميقة مثل الاكتئاب، القلق، وفقدان الثقة بالنفس، وقد يصل الأمر في بعض الحالات إلى التفكير في الانتحار بسبب الضغوط النفسية والتهديدات المستمرة. في هذه الحالة، يمكن أن نعتبر أن الابتزاز لا يقتصر فقط على كونه جريمة قانونية، بل هو “مرض اجتماعي” يصيب ضحاياه في صميم حياتهم ويؤثر على رفاهيتهم النفسية.
من جهة أخرى، إذا نظرنا إلى المبتزين أنفسهم، يمكننا أن نجد أن هناك أسبابًا معقدة قد تدفع البعض للقيام بهذه الأفعال. في بعض الأحيان، قد يعاني المبتزون من مشكلات نفسية أو اجتماعية، مثل الشعور بالتحكم أو الانتقام، مما يدفعهم لاستغلال الآخرين بطريقة قاسية.
قد نجد أن بعض المبتزين يعانون من نقص في الإحساس بالآخرين أو ربما لديهم مشاكل في فهم عواقب أفعالهم على المدى البعيد. لذلك، يمكن أن نرى الابتزاز كمؤشر على خلل اجتماعي أو نفسي لدى هؤلاء الأفراد، مما يضيف بعدًا آخر لفهمنا لهذه الظاهرة.
من منظور أوسع، يمكن اعتبار الابتزاز الإلكتروني مرضًا اجتماعيًا في ظل تغييرات كبيرة في طريقة تواصلنا مع بعضنا البعض. في مجتمع تزداد فيه نسبة العزلة الرقمية، قد يتحول الإنترنت إلى بيئة خصبة لارتكاب الجرائم. خاصة أن غالبية الجرائم الإلكترونية تحدث في غياب الرقابة الاجتماعية المباشرة، حيث يمكن للمبتزين أن يخفوا هويتهم بسهولة ويستغلوا البيانات الشخصية لأغراضهم الخاصة.
إذا كان الابتزاز الإلكتروني مرضًا اجتماعيًا، فإن علاجه يتطلب تدابير متعددة. يجب على الحكومات والمجتمعات تطوير القوانين الرادعة التي تجرم هذه الأفعال وتشدّد العقوبات على مرتكبيها. في الوقت نفسه، من المهم أن نعمل على رفع الوعي المجتمعي حول كيفية حماية المعلومات الشخصية على الإنترنت وكيفية التصرف في حال الوقوع ضحية لهذه الجرائم. بالإضافة إلى ذلك، يجب توفير الدعم النفسي للضحايا للتعامل مع الآثار النفسية لهذه التجارب المؤلمة.
خلاصة القول، يمكننا أن نعتبر الابتزاز الإلكتروني مرضًا اجتماعيًا له آثار عميقة على الأفراد والمجتمع. إنه لا يقتصر على كونه جريمة قانونية فحسب، بل هو أيضًا جريمة نفسية واجتماعية تحتاج إلى فهم شامل وعلاج جماعي من جميع الأطراف المعنية.