في الصميم ومن العمر لحظات… بقلم د. نيرفانا حسين الصبري
تفاجئني افكار لا اعرفها ولا من اين اتيت … كل ما اعرفه انها تجول بفكري وخاطري وتتسلل الي نفسي وتشعرني احيانا بالخوف واحيانا اخري بالتمرد واحيانا بالعجز …
هذا الشعور بدأ يتسرب إليّ منذ جاوزت الخمسين وأشعر به يزحف على روحي بسرعة، أتذكر أمورا في حياتي فأقول
كان هذا منذ ١٠ سنين .. وهذا منذ ٢٠ .. وهذا منذ ٣٠ .. ثم أنتبه، كيف صارت لي ذكريات يفصل بيني وبينها هذا العدد الهائل من السنين؟!! أقاربي الأطفال الذين كنت ألاعبهم وألقيهم في الهواء وأغني لهم.. صاروا في الجامعات، وبعضهن يأتيها الخُطَّاب! حقا، متى انتهى الشباب، لا أدري! أتصور نفسي أموت الآن وأتخيل مصيري في الآخرة، ثم أنتبه مفزوعا مذعورا، لا أطيق حتى مجرد التفكير الحياة تمضي، والكبار يموتون، والصغار يكبرون.. والآخرة في الانتظار، والمفاجأة
الجميع غافلون! تماما كمن يمشي على السلم الكهربائي، يصل إلى النهاية دون أن يشعر.. متخيلا أنه لن يصل لأنه لم يتحرك!
هذا القول صادق وقد يخطر علي بال أيا منا في وقت من الأوقات… لكنه يحمل فكر صادم للنفس وكئيب… لانه يفجر المشاعر السلبية الكثيرة فتكون عرضة للامراض النفسية والاجتماعيه
ولو فكرنا برهة في هذا الاحساس لوجدنا فيه الكثير من الاخطاء…
تعالوا معا نحلل هذا الاحساس ونضع له موازين منطقية وعقلانية
هل كل الافراد الذين كبروا أمامك لم تعش معهم لحظات حلوة وذكريات جميلة.. وهل لم تقم لهم بحل مشكلات ومواقف وهل علمت وربيت مبادئ وقيم وعشت حياتك وحياتهم… اذن فقد عشت مرتين
لماذا نفتكر أن حياتنا وصلت للنهاية وخايفين منها .. ما الاجمل تتذكر هده اللحظات الحلوة والذكريات الايجابية والعمل الطيب الذي زرعته في قلوب الناس ووزعت السعادة عليهم وتأثرت بحزنهم وشاركت في فرحهم وسعادتهم . منطقي أن نتذكر نهاية الحياة.. ولكن ليس منطقي ان ننتظر نهاية الحياة
آلحيآة مراحل ومحطات .. تقاس باللحظات وليست بالايام .. يقول المولي سبحانه وتعالي كل يوم في شأن .. ولان الله يقدر الامور بحكمة بالغة لابد ان نعلم ونكون علي يقين ان غدا لم يخلق بعد وهو في علم الغيب ولكن الذي نملكه في الحياة هي تلك اللحظات التي نحياها ونفكر فيها ونعمل لها .. عيش اللحظة واليوم الذي إذن به رب العالمين وفكر فيه كيف أكون في يومي وان بكون لي وجود وبصحة مؤثرة .. ولا تفكر كيف لا أكون موجود وأنا علي قيد الحياة ..
اليوم الذي يمر بدون أن العب واتعلم واعلم واؤثر واتأثر ولو نقطة في بحر، لا يحتسب من العمر… ليس مهم اتعلمت من مين .. ولا علمت مين .. فقد خلق الله الكون ليكون مدرسة للجميع انسان او حيوان او نبات
المهم إن اظل في الحياة لي وجود.. الحياة لحظات استمتع بها لانها اصبحت محسوبة عليك من العمر …
واطمئن أن الله لا يضيع اجر من أحسن عملا .. أيا كان هذا العمل علم ،عمل،تربية، اخلاص، حب، لعب ، المهم إرضاء النفس والروح بكل ما هو جميل وصادق وليس صادم ..
التفاؤل ثم التفاؤل بأن القادم من العمر احلي ولحظات أجمل وأنا في الحياة
مع التمنيات الطيبة للجميع بلحظات عمر كلها تفاؤل
د. نيرفانا حسين الصبري
الاستاذ المشارك للعلوم الاجتماعية والإنسانية بجامعة الافرو اسيوية